اجتماع أممي طارئ بشأن غزة.. تصعيد ميداني وتحركات دبلوماسية عاجلة

في خضمّ التصعيد المستمر في قطاع غزة، دعت عدة دول أعضاء في مجلس الأمن إلى اجتماع أممي طارئ بشأن غزة، في محاولة لوقف دوامة العنف المتزايدة، وإنقاذ ما تبقى من الأرواح في واحدة من أكثر المناطق اضطرابًا في الشرق الأوسط. يأتي الاجتماع وسط صمت دولي نسبي، ومواقف متباينة بين القوى الكبرى.
الدعوة للاجتماع.. ضغوط متزايدة على مجلس الأمن
طالب ممثلو كل من الجزائر والنرويج والبرازيل والأردن، بعقد جلسة عاجلة في مجلس الأمن، لمناقشة تطورات الوضع في غزة، بعد سقوط عشرات الضحايا المدنيين خلال الساعات الماضية.
وتأتي هذه المطالبات نتيجة لاستخدام الأسلحة الثقيلة من قبل الجيش الإسرائيلي، ما تسبب في دمار واسع النطاق في الأحياء السكنية.
كما نقلت مصادر دبلوماسية أن الصين وروسيا تؤيدان عقد الجلسة الطارئة، بينما تتريّث كل من الولايات المتحدة وبريطانيا في اتخاذ موقف واضح، ما يعكس الانقسام المستمر داخل أروقة الأمم المتحدة.
الأوضاع الميدانية في غزة.. تصعيد غير مسبوق
تواصلت الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع، حيث استهدفت فجر اليوم عدة مناطق في مدينة غزة وخان يونس، منها منازل مدنية وأبراج سكنية، ما أدى إلى سقوط أكثر من 60 شهيدًا خلال 24 ساعة فقط، بينهم أطفال ونساء.
في المقابل، أعلنت كتائب القسام وسرايا القدس مسؤوليتهما عن إطلاق رشقات صاروخية مكثفة باتجاه مستوطنات غلاف غزة، في إطار الرد على “العدوان المتواصل”.
وأكدت وزارة الصحة في غزة أن النظام الصحي على وشك الانهيار، مع نقص حاد في الأدوية، وإغلاق أكثر من 70% من المستشفيات بفعل القصف أو انقطاع الوقود.
الموقف الإسرائيلي.. ضغط عسكري ومأزق سياسي
تُصر الحكومة الإسرائيلية بقيادة بنيامين نتنياهو على الاستمرار في ما تسميه “العملية الأمنية الواسعة”، رغم الضغوط الدولية المتزايدة.
ورغم النجاحات المعلنة في استهداف البنية التحتية للمقاومة، إلا أن الأهداف السياسية تظل غامضة، ما يثير انتقادات داخل إسرائيل نفسها، لا سيما في أوساط المعارضة ووسائل الإعلام العبرية، التي حذّرت من “استنزاف طويل دون جدوى”.
تصريحات دولية.. انتقادات متزايدة واتهامات مزدوجة
📌 الأمين العام للأمم المتحدة:
“ما يحدث في غزة جريمة إنسانية. لا يمكن القبول باستهداف المدنيين، ويجب التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار.”
📌 وزير الخارجية الفرنسي:
“نطالب بتحقيق دولي في استخدام القنابل الفراغية التي يُشتبه باستخدامها من قبل إسرائيل في مناطق مدنية.”
📌 المندوب الأمريكي في مجلس الأمن:
“نؤيد حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، لكننا نُشدد على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني.”
الموقف العربي من اجتماع الأمم المتحدة بشأن غزة
أعلنت جامعة الدول العربية دعمها الكامل لعقد اجتماع أممي طارئ بشأن غزة، ودعت المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته، خاصةً مع انهيار أي فرص لوقف إطلاق النار حتى الآن.
وفي بيان مشترك صدر عن كل من مصر وقطر والأردن، تم التشديد على:
- فتح ممرات إنسانية فورية
- وقف العمليات العسكرية
- عودة الهدوء عبر رعاية دولية لاتفاق جديد
المشهد الإنساني.. غزة تحت النار
الواقع في غزة لا يمكن وصفه إلا بـ “الكارثة الإنسانية”، حيث:
- انقطعت الكهرباء عن 95% من سكان القطاع
- توقفت خدمات المياه والصرف الصحي
- آلاف العائلات باتت بلا مأوى
- الأطفال يُعالجون في الأرض بسبب نقص الأسرة الطبية
- الأونروا تعلن توقف المساعدات الغذائية خلال أيام بسبب الحصار الكامل
ما المتوقع من اجتماع الأمم المتحدة بشأن غزة؟
وفق مصادر دبلوماسية، فإن اجتماع مجلس الأمن سيتضمن البنود التالية:
- بحث مشروع قرار جزائري – برازيلي لوقف فوري لإطلاق النار
- تفعيل لجنة تحقيق مستقلة في الانتهاكات
- إرسال بعثة إنسانية تحت إشراف الأمم المتحدة
- إعادة طرح مبادرة “حل الدولتين” بجدية كحل جذري للأزمة
لكن يظل العائق الأكبر هو حق الفيتو الأمريكي، والذي غالبًا ما يُفشل أي قرار يدين إسرائيل، كما حدث في الجولات السابقة.
صوت من غزة: “نموت بصمت والعالم يشاهد”
تقول أم لثلاثة أطفال من حي الشجاعية:
“نحن نموت بصمت، بيوتنا تُهدم فوق رؤوسنا، وأطفالنا لا يجدون قطرة ماء. العالم مشغول بالتصريحات، ونحن لا نملك ترف الانتظار.”
هل سيُحدث الاجتماع فرقًا حقيقيًا؟
التجارب السابقة مع اجتماع أممي طارئ بشأن غزة تشير إلى محدودية النتائج، لكن هذه المرة تختلف بسبب:
- ضخامة المجازر في وقت قصير
- انكشاف إسرائيل إعلاميًا أمام العالم
- استخدام أسلحة يُشتبه أنها محرّمة دوليًا
- تزايد الضغوط من الشارع العالمي
رأي تحليلي: ما بين القرارات الورقية والنار الحقيقية
في ظل هذا التصعيد، يبقى الأمل في أن تُحدث التحركات الأممية فرقًا، ولو بسيطًا، في تقليل وتيرة القتل. لكن الحقيقة الصادمة أن مصير الفلسطينيين لا يزال مرتبطًا بحسابات السياسة الدولية، التي غالبًا ما تُقدّم المصالح على الدماء.