اخبار العالماخبار سياسيةعاجل

قطر تدين الهجوم الإيراني على قاعدة العديد وتلوّح بالرد

أدانت دولة قطر بشدة الهجوم الإيراني على قاعدة العديد الجوية في العاصمة الدوحة، معتبرة ما حدث “انتهاكًا صارخًا لسيادة البلاد وللقانون الدولي”، مؤكدة في بيان رسمي أنها “تحتفظ بحق الرد المباشر في الوقت والمكان المناسبين، وبما يتوافق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة”.

البيان الذي صدر عن وزارة الخارجية القطرية جاء بعد ساعات من إعلان إيران تنفيذ عملية عسكرية تحت مسمى “بشائر التفح”، استهدفت منشآت ومواقع عسكرية في عدد من دول الخليج، من بينها قاعدة العديد، ردًا على الهجمات الأمريكية التي استهدفت مواقع إيرانية في العراق وسوريا.

الخارجية القطرية: الرد سيكون محسوبًا ومشروعًا

في أول تعليق رسمي، قال المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، إن بلاده “لن تمرر الاعتداءات على سيادتها مرور الكرام”، مؤكداً أن الجهات الأمنية والعسكرية كانت قد اتخذت إجراءات احترازية مسبقة، حيث تم إخلاء القاعدة بشكل جزئي قبل وقوع الهجوم.

وأضاف الأنصاري أن “كل من في القاعدة بخير، ولم تقع إصابات أو خسائر بشرية، ولكن هذا لا ينفي أن ما حدث يشكّل اعتداءً صريحًا، وانتهاكًا لكل الأعراف والقوانين الدولية”، مشددًا على أن “الدوحة تحتفظ بحقها الكامل في اتخاذ الإجراءات المناسبة لحماية أمنها القومي”.

قاعدة العديد.. موقع استراتيجي في قلب الخليج

تُعد قاعدة العديد الجوية واحدة من أهم المنشآت العسكرية في منطقة الخليج العربي، حيث تستضيف قوات قطرية وأمريكية وبريطانية، وتُستخدم كمركز عمليات رئيسي في التحالفات الدولية، خاصة في ما يخص مراقبة الأجواء وعمليات الطيران في الشرق الأوسط.

ويعني استهدافها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، الدخول في مرحلة جديدة من التصعيد الإقليمي الذي قد تكون له تبعات سياسية وعسكرية واسعة.

إيران: عملية “بشائر التفح” رد على العدوان الأمريكي

من جانبها، قالت طهران إن العملية جاءت ردًا على “الاعتداءات الأمريكية الأخيرة على مواقع تابعة للحرس الثوري في سوريا والعراق”، وإنها “بعثت برسالة واضحة لكل من يسهم في زعزعة أمن المنطقة”، بحسب وصف المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية.

وأضاف أن “الوجود العسكري الأمريكي في دول الخليج يجعل هذه الدول جزءًا من ساحة المواجهة، وأن إيران لن تتردد في الرد على أي تهديد ينطلق من أراضيها”.

تصريحات اعتبرتها الدوحة بمثابة تهديد مباشر لأمن الدولة، ورفضت بشكل قاطع الزج باسم قطر في أي صراعات عسكرية لا علاقة لها بها، مؤكدة أن الأراضي القطرية لا تُستخدم لأي أغراض هجومية ضد دول الجوار.

الموقف الدولي: قلق وتحذيرات

توالت ردود الأفعال الدولية فور إعلان الهجوم الإيراني على قاعدة العديد، حيث أعربت الولايات المتحدة عن “قلقها الشديد”، مؤكدة التزامها بأمن قطر كحليف استراتيجي. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة الأطراف إلى ضبط النفس وتجنب التصعيد، في حين عبّرت عدة عواصم أوروبية عن مخاوفها من انزلاق المنطقة إلى مواجهة مفتوحة.

وأكد بيان مشترك صادر عن دول مجلس التعاون الخليجي أن “أمن قطر جزء لا يتجزأ من أمن الخليج”، وأن أي استهداف لأي دولة من الدول الأعضاء يُعد استهدافًا للمنظومة الخليجية ككل.

خيارات الرد القطري

رغم تأكيد قطر على التزامها بالطرق السلمية والقانونية، إلا أن التصريحات الأخيرة حملت نبرة غير معتادة، وفتحت الباب أمام تساؤلات بشأن طبيعة الرد القطري المحتمل، خاصة مع حديث الأنصاري عن “الرد المباشر والمشروع وفق القانون الدولي”.

المراقبون يرون أن الرد قد لا يكون عسكريًا مباشرًا، بل من خلال أدوات ضغط دبلوماسي وسياسي واقتصادي، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق الأمني مع الحلفاء في المنطقة، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وتركيا.

قطر بين الحياد الإيجابي والتصعيد المفروض

من المعروف أن قطر تتبع في السنوات الأخيرة سياسة “الحياد الإيجابي”، وتسعى دائمًا للعب دور الوسيط في النزاعات الإقليمية، كما حدث في ملفات إيران، أفغانستان، السودان، وفلسطين.

لكن الهجوم الأخير وضعها في موقف حساس، خاصة أن الهجوم الإيراني على قاعدة العديد لم يأتِ عبر وسطاء أو تحذيرات مسبقة، ما يشكل خرقًا لأسس التفاهم الإقليمي ويضع الدوحة أمام تحديات أمنية ودبلوماسية.

موقف الشارع القطري

محليًا، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلًا واسعًا مع بيان الخارجية، حيث طالب المواطنون باتخاذ موقف صارم تجاه أي تهديد يمس أمن البلاد، فيما أبدى البعض تخوفهم من تكرار سيناريوهات التصعيد في المنطقة، مطالبين الحكومة بتكثيف التواصل مع الحلفاء لضمان الحماية والدعم الدولي.

كلمة أخيرة

الهجوم الإيراني على قاعدة العديد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من التوترات الإقليمية التي تتداخل فيها الحسابات العسكرية والسياسية، وتفرض على الدول الصغيرة مثل قطر معادلات أمنية شديدة التعقيد.

لكن الرسالة التي أرادت الدوحة إيصالها واضحة: لا تساهل مع من يمس السيادة، ولا تهاون في الرد، وإن كان الرد محسوبًا ومدروسًا.

وفي ظل استمرار التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، تبقى المنطقة مرشحة لمزيد من التعقيد، ما لم يتم ضبط الإيقاع واحتواء التصعيد عبر قنوات دبلوماسية حقيقية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى