اقتصاد

مستقبل الجنيه المصري بعد تعويم 2025: ما بين الأمل والضغوط

في خطوة كانت متوقعة منذ مطلع العام، أعلن البنك المركزي المصري في مارس 2025 تنفيذ عملية تعويم جديدة للجنيه المصري، ليكون الرابع خلال عقد واحد. القرار جاء ضمن إطار اتفاق اقتصادي جديد مع صندوق النقد الدولي، يهدف إلى معالجة اختلالات سوق الصرف وتحسين مناخ الاستثمار.

لكن منذ تنفيذ التعويم، أصبح السؤال الملح لدى المستثمرين والمواطنين على حد سواء: ما هو مستقبل الجنيه المصري بعد تعويم 2025؟

لماذا تم التعويم في هذا التوقيت؟

يشير خبراء الاقتصاد إلى أن قرار تعويم الجنيه لم يكن خيارًا بقدر ما كان ضرورة، وذلك لعدة أسباب:

  • اتساع الفجوة بين السعر الرسمي والسوق الموازية: حيث بلغ سعر الدولار في السوق السوداء أكثر من 60 جنيهًا، في حين كان السعر الرسمي 42 جنيهًا فقط.
  • نقص السيولة الدولارية: ما أثر على استيراد السلع الأساسية والمواد الخام.
  • الضغط على الاحتياطي النقدي: بسبب الالتزامات الخارجية وتمويل واردات الطاقة والسلع.
  • التزامات مصر تجاه صندوق النقد الدولي: الذي طالب بسعر صرف مرن كشرط لاستمرار الدعم المالي.

ماذا حدث بعد التعويم؟

في الأيام الأولى للتعويم:

  • وصل سعر صرف الدولار إلى 69.5 جنيهًا، قبل أن يتراجع إلى 64 جنيهًا مع تدخلات البنك المركزي وضخ دولارات من مصادر تمويل خارجية.
  • شهدت الأسواق حالة تذبذب حاد في الأسعار، خاصة للسلع المستوردة.
  • بدأ عدد من المستثمرين الأجانب في العودة تدريجيًا إلى سوق أدوات الدين المصرية، مستفيدين من الفائدة المرتفعة وسعر الصرف الجديد.

التأثير على المواطن المصري

لا يمكن الحديث عن مستقبل الجنيه المصري بعد تعويم 2025 دون التطرق لتأثيره على حياة المواطن:

  • الأسعار ارتفعت بنسبة تتراوح بين 25% و40% خلال الشهرين التاليين للتعويم.
  • السلع الأساسية أصبحت أقل توفرًا في بعض المناطق، رغم محاولات الحكومة لتوفيرها من خلال المنافذ التموينية.
  • زيادة مرتقبة في فواتير الكهرباء والمياه بسبب تكلفة التشغيل المرتبطة بسعر الصرف.
  • لكن في المقابل، بدأت تحويلات المصريين بالخارج ترتفع مجددًا بسبب تحسن سعر الصرف، مما عزز المعروض من الدولار.

البنك المركزي المصري… في موقف حساس

البنك المركزي الآن أمام مهمة معقدة:

  • الحفاظ على استقرار سعر الصرف بعد التعويم.
  • امتصاص التضخم الناتج عن القرار.
  • طمأنة المستثمرين المحليين والدوليين بأن الاقتصاد يسير في الاتجاه الصحيح.

ووفقًا لما أعلنه حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، فإن:

“التعويم جزء من إصلاحات أوسع تشمل القطاع المصرفي وسوق العمل، وهدفنا ليس فقط تحقيق سعر صرف عادل، بل بيئة اقتصادية مستقرة وجاذبة للاستثمار.”

هل التعويم حل دائم؟

العديد من الخبراء يرون أن تعويم الجنيه هو أداة ضمن مجموعة أدوات إصلاح، وليس حلًا بذاته.
بدون:

  • زيادة الإنتاج
  • تقليل الاستيراد العشوائي
  • تعزيز التصدير
  • إصلاح منظومة الضرائب والدعم

سيظل الجنيه عرضة للتقلب، والتعويم سيتكرر في كل أزمة.

المؤشرات الاقتصادية بعد التعويم

المؤشرقبل التعويم (فبراير 2025)بعد التعويم (مايو 2025)
سعر الدولار42 جنيهًا64 جنيهًا
معدل التضخم السنوي27%35.6%
الاحتياطي النقدي الأجنبي33.2 مليار دولار35.1 مليار دولار
سعر الفائدة الأساسي21.25%24.5%

رأي المستثمرين الدوليين

رغم المخاوف المحلية، إلا أن وكالات التصنيف الائتماني مثل فيتش وموديز أشادت بخطوة التعويم واعتبرتها:

“قرارًا شجاعًا يعيد الثقة للأسواق، ويفتح الباب أمام تدفقات نقدية جديدة.”

بينما علّق البنك الأوروبي لإعادة الإعمار بأن السوق المصرية “تعود تدريجيًا إلى المسار الصحيح”، مشيرًا إلى تعافي تدريجي متوقع في النصف الثاني من 2025.

مستقبل الجنيه المصري على المدى المتوسط

يرجّح محللون أن يشهد الجنيه استقرارًا نسبيًا خلال الأشهر القادمة، بشرط:

  • استمرار الدعم الخليجي والاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • تحسن تحويلات المصريين بالخارج
  • التزام الحكومة بتقليل العجز المالي

وتوقعت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” البريطانية أن:

“الجنيه المصري قد يستقر بين 60 إلى 65 جنيهًا للدولار حتى نهاية 2025، مع احتمالات تحسن تدريجي في 2026.”

هل يتكرر سيناريو تعويم 2016 و2022؟

تعلمت الدولة المصرية دروسًا قاسية من التعويمين السابقين:

  • في 2016، فاجأ القرار السوق وتسبب في موجة تضخمية غير مسبوقة.
  • في 2022، التعويم الجزئي أضر بالثقة لأنه لم يكن كاملاً ولا شفافًا.

أما في 2025، فقد كان القرار:

  • معلنًا بشكل تدريجي
  • مدعومًا باتفاق مالي واضح مع المؤسسات الدولية
  • متزامنًا مع ضخ سيولة دولارية من الخليج وأوروبا

وهذا يمنح مستقبل الجنيه المصري بعد تعويم 2025 فرصة أفضل للاستقرار.

الخلاصة: هل نطمئن للجنيه؟

الجواب ليس سهلًا.

لكن المؤشرات تقول:

  • التعويم كان ضرورة وليس رفاهية
  • النجاح مرهون بالإصلاح الشامل، مش بس تحرير سعر الصرف
  • الضغط على المواطن كبير حاليًا، لكنه يمكن أن يتراجع مع تحسن المعروض وزيادة الإنتاج

وفي نهاية المطاف، فإن مستقبل الجنيه المصري بعد تعويم 2025 سيعتمد على قدرة الدولة على التعامل مع الجوانب الاجتماعية والاقتصادية للقرار، وعدم الاكتفاء بالحلول المالية السريعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى